الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة قدرنا أن نحبّ الحياة، نرتاد الملاعب والمسارح لنتحدّى الخوف ونهزم الرعب

نشر في  23 جويلية 2014  (14:21)

تستأنف النوادي التونسية في نهاية الأسبوع الجاري مغامراتها الإفريقية بعد راحة خاطفة ركنت إليها كل البطولات والمسابقات القارية بمناسبة نهائيات كأس العالم. وتتزامن العودة المرتقبة لنوادينا في المنافسات القارية مع مرحلة حرجة تمرّ بها البلاد بعد أحداث الشعانبي الأخيرة والتي خلّفت خسائر جسيمة في الأرواح، حيث استشهد 14 جنديا من أبناء الوطن، علاوة على الجرحى والإصابات المتفاوتة الخطورة التي تعرض لها عدد آخر من جنودنا..
ولاشك في أن هذا الفعل الإجرامي أدخل الذعر والخوف في قلوب الناس خصوصا بعد أن جنح الخصم إلى العمليات النوعية وتزايد عدد الضحايا، وبالتالي فإن عودة النشاط الرياضي من بوابة المسابقات الافريقية لن يُنسي الناس همومهم رغم قيمة المواجهة المرتقبة بين العملاقين النادي الصفاقسي والترجي الرياضي.
ففي ظل التهديدات والذعر والخوف من الحاضر والمستقبل لن تكون هناك متعة بالمقابلات ولا بالمهرجانات ولا حتّى بالحياة بعد أن نغّص علينا الإرهاب كل ما هو جميل في هذه البلاد، ولكن رغم الأرواح التي أزهقت يبقى قدرنا أن نواصل حياتنا ونتحدّى هذه الظروف العصيبة حتّى لا نترك المجال فسيحا لمن يريد أن يُنغّص حياة التونسيين، قدرنا أن نرتاد الملاعب والمسارح والفضاءات العامة لنتحدّى الخوف ونهزم الرعب ونبعث برسائل إلى من يرفض الحياة مفادها أن التونسيين لا يقبلون أن يعيشوا في الظلمات ولن يسمحوا بأن تصبح بلادهم أفغانستان ثانية أو عراق أخرى مهما احتّدت التهديدات وارتفعت وتيرتها..
نغلق القوس ونعود إلى الرياضة وإلى كرة القدم بالتحديد لنشير -ونحن على أبواب موسم كروي جديد- إلى أن مستوى كرتنا وبطولتنا لن يتحسن طالما ظلت الأوضاع على ما هي عليه، خصوصا ونحن نحاول في كل مرة الوصول إلى معرفة السبب الذي يعيق تقدمنا الرياضي .. نحاول ونسأل .. نحاول من خلال تغيير القوانين واللوائح والأنظمة وحتّى المسؤولين، ونسأل لماذا الذين من حولنا يتطورون بينما مازلنا نحن نراوح مكاننا؟
كرة القدم التونسية تغير حالها.. احترفت وانحرفت وأضحت مجرد صخب يحضر على أوراقنا وعلى ألسنتنا، فالكل يقدح في الكل هكذا فقط ما عدا ذلك فالقيمة التي كانت عليها كرتنا تلاشت ولم تبق لنا منها سوى ذكريات. غيرنا المدربين .. غيرنا اللجان .. عدلنا اللوائح .. نفذنا مطالب الاتحاد الدولي، وبرغم هذا كلّه فإن المستوى الفني في الأندية والمنتخبات استمر على ما هو عليه وهن وضعف وعشوائية، أما لماذا ففي طيات هذا التساؤل ما يكفي لنقول أن المشكلة مشكلة عقلية بالأساس، عقلية لاعبينا وعدد كبير من مسيّرينا صفر.
هذه العقلية تحديدا هي التي أوجدت الضعف الفادح لكرة القدم التونسية على اعتبار أن أصحابها وأعني اللاعبين ركزوا جلّ تفكيرهم واهتماماتهم على المال والعقود واختزلوا الاحتراف في هذا التفكير وبالتالي جاءت الإفرازات على أرضية الميدان مخيبة لكل الآمال.
لا بد من الإعتراف بأنه منذ أن تم تطبيق نظام الاحتراف وكرتنا تسير في الاتجاه الخاطئ والسبب في ذلك يكمن في غياب الثقافة الاحترافية الصحيحة، هذه الثقافة التي تم تغييبها عن هؤلاء اللاعبين طيلة المراحل الماضية ولم نجد من يهتم بها. فلا هي الأندية رسختها في اللاعب ولا اللاعب نجح في صقل عقليته على طريقة نظرائه في أوروبا على سبيل المثال، وبالتالي فطالما أن تلك الثقافة الاحترافية غائبة ومغيبة فإنّ اللاعب التونسي «المحترف» لا يفكر سوى في رصيده البنكي ولا مجال لأن يكون لكرتنا مكان في الساحة القاريّة والدولية رغم محاولات واجتهادات بعض الأندية.
في الختام وإن كان ليس بالجديد الحديث عن الضعف الذي وصلت إليه كرتنا في زمن الاحتراف، فإن الجديد الذي يجب أن نقرّ به هوأن المشكل يتمثل في عقلية لاعب تحتاج لمن يطورها وينمّيها بثقافة كروية احترافية مغايرة لماهي عليه اليوم، وتعدّ هذه في تصوري الشخصي رهانا من الضرورة والأهمية أن تحمله الأندية مع جامعتنا الموقرة لكي نرى في المستقبل المنظور بوادر حقيقية ومشجعة لبناء اللاعب التونسي المحترف الذي يملك الموهبة ويملك العقلية التي تقوده إلى حيث قمة التألق والنجاح المنشود.

بقلم: عادل بوهلال